top of page

الجدارات القيادية | Mastering Leadership Competencies





من اجل الدخول في قضية مشتركة، لابد أن يكون الأفراد على قناعة بقدرة وجدارة القائد على توجيههم وإرشادهم إلى حيث الوجهة المنشودة. فلابد أن ينظروا إلى القائد على انه يمتلك كل ما هو مطلوب من خبرة ومهارات وقابليات وحكمة سليمة. وإذا ما كان لديهم شك في قدرات وقابليات القائد، فانهم من غير المحتمل أن يلتحقوا بالعملية.


تعرّف الجدارات القيادية على انها مجموعة من الخصائص الشخصية المشتركة الموجودة لدى القادة والمطلوبة لتحقيق أداء متميز، علما انها تشتمل على السلوكيات والمعارف والمهارات العملية التي تعتبر جوهرية وأساسية لأي عمل طالما انها تدعم عملية انجاز الإستراتيجية. كما بالإمكان تطوير هذه الجدارات لدى الأفراد بدلا من الإبقاء عليها من دون حركة ديناميكية لتفعيلها. أن الجدارات القيادية تشكل عنصر الهام للثقة بان القائد سيكون قادر على توجيه المؤسسة بأكملها، كبيرة كانت أو صغيرة، بالاتجاه الذي تريد أن تسلكه.


وعادة ما يتم احتواء الجدارات القيادية في إطار يحتوي على توصيفات تفصيلية لكل جدارة والمستويات التي يمكن الوصول إليها ضمن كل جدارة. ويمكن أن تطور المؤسسات إطار الجدارات القيادية الخاص بها بما ينسجم مع الاحتياجات والبيئة الخاصة للمؤسسة وينطبق على الأدوار القيادية على أي مستوى من الخدمة.


القيادة هي عملية معقدة. وتمتلك مختلف المؤسسات تحفظات جدية حول مدى قدرة مجموعة المعايير أو الخصائص أو الجدارات على الاحتواء الكلي لطبيعة ما يجعل بعض المدراء ناجحين والبعض الآخر غير ناجحين. على أن هناك بضعة جدارات قيادية لا تتغير أبدا بغض النظر عن التغييرات البيئية، والصناعة، والقطاع، وتبقى بمثابة معيار للتعرف على القادة المتميزين.


عالمية التفكير الاستراتيجي


العولمة هي اتجاه سيستمر بالنمو من حيث تأثيره في القادة. ففي الماضي، كان بمقدور المؤسسات الكبيرة أن تركز على بلدها أو حتى على منطقتها. فتلك الأيام قد انتهت، واما اليوم فالأسواق مترابطة عالميا- مثلما نلاحظ ونشهد الانصهار الاقتصادي العالمي الحالي الذي بدأ في الولايات المتحدة وانتشر حول العالم. ومن خلال هذا الترابط الواسع على مستوى العالم، يفترض بالقادة أن يفهموا التشعبات الاقتصادية والثقافية والقانونية والسياسية لتنفيذ الأعمال عالميا. وبدلا من الانعزال، يجب أن ينظر القادة إلى أنفسهم كمواطنين في العالم وذوي مجال واسع من الرؤية والقيم. ويوجد هناك عاملين يجعلان من الفكر الاستراتيجي العالمي متغير رئيسي للقادة وهما: (1) الزيادات الكبيرة المتوقعة في التجارة العالمية؛ و (2) التكنولوجيا العالمية المتكاملة، كالتجارة الالكترونية.


لابد للقادة أن يتعلموا كيفية إدارة الجدارة المؤسسية في سياق عالمي من اجل تحقيق ميزة تنافسية. ولابد أن يكونوا قادرين على الفهم والتفاهم والقيادة عبر المناطق العالمية، علما توجد هناك اختلافات قليلة عبر الأقاليم والمناطق في الملف الأساسي للقيادة، بما يدعم فكرة كون العالم قرية صغيرة. وفي الأسواق التنافسية في الوقت الحاضر، لا يكفي أن تكون لدينا نظرة محلية ضيقة.


والتكنولوجيا الجديدة هي عامل آخر يجعل من التفكير العالمي الاستراتيجي متطلب رئيسي للقادة؛ والتكنولوجيا الجديدة تجعل من المناسب تصدير العمالة العالية المستوى حول العالم. فمبرمجو الحاسوب في الهند يتصلون ويتواصلون مع المصممين في ايطاليا للمساعدة في تطوير منتجات يتم تصنيعها في اندونيسيا وتباع في البرازيل. والتكنولوجيا تساعد في كسر الحواجز أمام الأعمال العالمية، وان القادة الذين يستطيعون استغلال العولمة لصالحهم تكون لديهم ميزة تنافسية ضخمة.


بناء وتمكين فرق الأداء العالي


لابد أن يكون القادة قادرين على تطوير منظوراتهم، الأمر الذي يحفزهم على العمل والتصرف من خلال التأثير والنفوذ والإلهام، وليس من خلال الخوف والسلطة. فإذا ما لجئوا إلى السلطة، سوف لن يكون لديهم مفكرين وشركاء في الرحلة، بل بالأحرى سيكون لديهم أفراد يتوجب مراقبتهم أو ضبطهم لضمان بقائهم على المسار الصحيح.


ويفترض أن يركز القادة على إنشاء خط متصل من فرق القيادة الجديدة حولهم والتي بمقدورها بناء وتطوير مستقبل المؤسسة. وهذا يعتبر إحدى أكثر الجدارات أساسية وأهمية لأنها تضمن امتلاك الشركة دائما لأفراد ماهرين ومهيئين لقيادتها بشكل جيد في المستقبل. غير أن ذلك لا يعني بان القادة يجب أن يتخلوا عن مسؤولياتهم. وفي الحقيقة، أن تمكين الآخرين يحتاج إلى المزيد من الاهتمام والانتباه واليقظة. ويجب أن يتحمل القادة كامل المسؤولية عن ضمان نجاح قادة المستقبل وفرق الأداء العالي.


والعامل الأساسي للنجاح في تطوير وإدارة الخط القيادي هو تطوير عقلية التوجيه/ الإرشاد التي تركز على تمكين الآخرين من القيادة. وبهدف تحقيق هذه الغاية، يجب أن يتعامل القادة مع كل تفاعل على انه فرصة لتدعيم وحث وتشجيع الآخرين على الارتقاء والنهوض بأنفسهم ضمن مجال القيادة. والهدف المهم هنا هو بناء الثقة بالنفس من خلال تشجيع التقدم والاهتمام به وتقديره، علما أن الثقة بالنفس تغرس الطاقة لدى الأفراد وتمنحهم الشجاعة على التوسع والتمدد، وخوض المخاطر، والقيام بأشياء لم يتوقعوا بمقدورهم القيام بها من قبل. وجدير بالذكر أن هذه الأنشطة وهذا التوجه لا يمكن أن تقتصر على البرامج القيادية أو جلسات التوجيه الرسمية. انه عقلية تبحث عن لحظات توجيهية متكررة ومستمرة تركز على القيادة.


أن بناء قادة المستقبل وفرق الأداء العالي ينطوي على معرفة أن الأفراد كبار وناضجين وقادرين، والتعامل معهم من منظور انه بمقدورهم التعلم والنمو من خلال المواجهة المباشرة للقضايا الصعبة. وهذا يعني إعطاء تغذية راجعة هادفة ونزيهة حول تحديد موقع الأفراد من دون اللّف والدوران، أو يعني الاهتمام كثيرا بإعطاء رسالة متوازنة بان الأفراد يبقون يعتقدون بأنهم في حالة أفضل مما يعتقد القادة.


تثمين التنوع الثقافي


يحرص قادة اليوم وقادة المستقبل على تقدير وتثمين التنوعات الثقافية من حيث التنوع في الأسلوب القيادي، وأسلوب الصناعة، والسلوكيات والقيم الفردية، والعرق. فهم يفهمون ليس فقط الاختلافات الاقتصادية والقانونية، بل كذلك الاختلافات الاجتماعية والتحفيزية التي تشكل جزء من العمل حول العالم وعبر البلدان والدول والمناطق ذات التنوع في السكان والثقافات. أن فهم الثقافات الأخرى هو ليس مجرد ممارسة عملية جيدة، بل انها عنصر أساسي للتنافس الناجح.


ولابد لتثمين وتقدير التنوع الثقافي أن يشتمل على كل من الأشياء الكبيرة والصغيرة التي تشكل ثقافة فريدة ومختلفة. فيعتبر الدين احد أهم المتغيرات التي تؤثر في السلوك بالمنطقة. غير أن القضايا الصغيرة، كالتحايا أو التوقيتات الشخصية يجب أيضا فهمها بشكل أفضل إذا ما أريد بالقادة أن ينجحوا في كل من السوق العالمية والمحلية.


وأخذت القدرة على تحفيز الأفراد في مختلف الثقافات تصبح مهمة جدا، علما أن الاستراتيجيات التحفيزية التي تكون فاعلة ومؤثرة في ثقافة معينة قد تكون سلبية في ثقافة أخرى؛ وان القادة الذين بمقدورهم فهم وتقدير وتحفيز الزملاء في ثقافات متعددة قد أصبحوا وسوف يبقون موردا ذا قيمة كبيرة جدا.



الاتصال والتواصل المفتوح والنزيه


دائما ما يتواصل القادة بشكل مفتوح ونزيه وشجاع، ويحرصون دائما على عدم ترك الحوارات والاتصالات في منتصف الطريق أو من دون استكمالها، حيث انهم يدركون بان الاتصالات الناقصة عادة ما تصبح ذات نتائج سلبية وتؤدي إلى مشاكل وحالات كثيرة من سوء الفهم بأسلوب من شأنه يضعف من المستقبل المراد تحقيقه بشكل جماعي.


ويحرص القادة على توفير التغذية الراجعة والتوجيه لبعضهم الآخر، بما في ذلك رئيسهم التنفيذي. وعادة ما يكونوا منفتحين جدا ويرغبون باستقبال وقبول التغذية الراجعة المفتوحة والنزيهة وحتى الصريحة منها، مهما يكن مستوى عدم الارتياح منها لدى المقابل.


وبينما ليست الحال دائما كذلك، توجد هناك روابط اجتماعية قوية بين القادة وأفرادهم، حيث تتطور مثل هذه الروابط بين أعضاء الفريق الذين يكونوا قد التزموا بتحقيق مستقبل واضح وجريء والأنشطة الاجتماعية التي يتشاطرونها في تقوية قدرتهم على التعامل والمعالجة المباشرة للقضايا الصعبة في العمل. وعادة ما يصبحون على دراية أكثر بتفضيلات زملائهم وأساليبهم وخواصهم، وهذه كلها تدعم قدرتهم على التواصل من دون تحفظات.


بناء الشراكة والتحالفات


يعتبر بناء الشراكة والتحالفات بكل أنواعها جانب أكثر أهمية لقادة المستقبل مما كان عليه لقادة الماضي. وان الكثير من المؤسسات التي نادرا ما كانت تشكل تحالفات في الماضي أخذت الآن تقوم وعلى نحو منتظم بتكوين تحالفات. واخذ هذا الاتجاه يصبح أكثر أهمية مع مرور كل عام.


أن الهندرة وإعادة الهيكل وتقليص الحجم أخذت الآن تقود الى عالم يكون فيه التعهيد الخارجي لكل الأنشطة ماعدا الأساسية منها هو المعيار والعرف السائد في بعض المؤسسات. ونتيجة إلى ذلك، فان القدرة على التفاوض حول التحالفات المعقدة وإدارة شبكات العلاقات المعقدة أخذت تصبح مهمة جدا.


إضافة إلى ذلك، فان الاتجاهات نحو المزيد من الشراكة بدأت تعزز وتقوي بعضها البعض الآخر. فبينما تتوسع المؤسسات عبر العالم، يترأس القادة قوى عاملة في أي مكان من العالم، وفي تحالف معين، ربما يتوجب عليهم الخروج بنتائج منشودة من كوادرهم العاملة في شركات أخرى وبثقافات مؤسسية مختلفة، وأساليب وعلاقات ومسؤوليات مختلفة. وهكذا، يتوجب أن يحرص القادة على بناء فرق العمل وإنشاء الشبكات من اجل انجاز الغايات المؤسسية. ومن خلال استكشاف وبناء الشراكات والعلاقات مع شركات وأفراد داخل مؤسساتهم وخارجها، يضيف القادة قيمة كبيرة جدا لنجاح الشركة وديمومة ذلك النجاح.


قيادة التغيير


قيادة وإدارة التغيير بكفاءة وفاعلية هي جدارة قيادية عمرها طويل. فالقادة هم رواد يعرفون بأنه من اجل الانطلاق إلى أمام والتحسين المستمر، يكون التغيير حتميا. وفي النهاية، يتغير العالم، لكن بشكل بطيء. ويركز القادة على الأشياء التي تكون ضمن مجالات سيطرتهم.


أن عملية إنشاء مؤسسات متميزة تتطلب قائد يدرك بان التغيير مطلب أساسي؛ وبالنهاية لابد من تجاوز الحدود: اولا الحدود التي كانت قد وضعتها لنفسها، وتليها الحدود بينها وبين عامليها؛ وبين وحدات أعمالها والعملاء، وبين الأجندات المنافسة وأجندتها الخاصة.


وفي الوقت الذي قد تثير طبيعة الإنسان مشاكل أولية للقادة الباحثين عن التغيير، فانها تفسح المجال أيضا لكسب الدعم المتحمس من الأفراد. وتتسم المشاعر بسهولة الانتقال، بمعنى عندما يشعر عضو الفريق بالامتعاض وعدم الرضا، فان ذلك يمكن أن ينطوي على الآخرين. وبنفس الشاكلة، عندما يكون الشخص راضٍ حول شيء معين، يمكن أن يكون لذلك اثر أو نتيجة مُرضية على الآخرين. أن القادة يبنون التغيير بأسلوب يجعل من الآخرين يشعرون بأنهم يرغبون أن يكونوا جزءا منه. فيعطون الأفراد جزءا منه، بالإضافة إلى الصلاحية والرقابة بالعمل عليه. ويتشاطر القادة بالقوة بحيث لا يشعر أحد بالضعف. انهم يريدون أن يشعر الجميع بالفائدة والحماس. ويحرص القادة على جعل الجميع يشعرون بان المؤسسة بحاجة لهم... وان التغيير قد لا يحدث بدونهم؛ وضمن إطار تحقيق نتائج التغيير، سوف يفخر الجميع في النهاية بالاشتراك بنجاحه.


175 views0 comments
bottom of page